>
تشتملُ الكتب التصويرية التوثيقيّة على النصّ، والرسومات البيانيّة التوضيحيّة، والخرائط الجغرافية والصُّوَر الفوتوغرافيّة بهدف توفير أدلّةٍ بصرية لأحداث تاريخية ممحيّة وفظائع حروب محجوبة. طالبت هذه الكتب بالعدالة وبالإنصاف التاريخيين بسبلٍ شتّى.
«فلسطين بطاقات بريديّة» و«طوابع فلسطينية (1865-1981)» يندرجان ضمن هذه الكتب التي تُعدّ بمثابة وثائق تاريخيّة أو آثار أركيولوجية، بتقديمها أدلّة بصريّة وماديّة لمكان وشعب أُنكِرَ وجودهما. في نماذج كهذه يكون محتوى الكتاب وحجّته معتمدان على سرديّته البصريّة، وتكون صناعته عملاً تعاونياً لمقاومة المحو التاريخي، بما تتضمّنه هذه الصناعة من مهمّات مثل جمع الموادّ والمعلومات المحيطة بالموضوع، وصولاً إلى تصميم الكتاب ونشره.
وعلى نحوٍ مماثلٍ، فإنّ الكتب التصويريّة ليوميّات الحروب تسجِّل مآسي للسكّان المدنيين الذين يتعرّضون للاعتداءات، وتستجيبُ لأخلاقيات توثيق الشهادة وتجعل الذاكرة الجماعية مرئيّة.
>
يجد الأطفال متعةً في التعبير الإبداعي الحرّ كتمرينٍ علاجيّ صرف من شأنه أن يُقدّم سجلّاً وافياً لحيواتهم وعوالمهم الخياليّة عبر الألوان. الأطفال شهودٌ أبرياء، وشهاداتهم عن العنف والظلم وما يتعرّضون له خلال الحروب، هي وثائق شفّافة دون توجيهات واعية. وحين تُنشر في الكتب، فإن رسوماتهم تسجّل دليلاً بصريّاً دامغاً يجعل فعل القراءة/ المُشاهدة أمراً مُربكاً.
ترصد عيونهم الطائرات الحربيّة ومخيّمات اللاجئين البائسة والمنازل المهدّمة والبنادق والموت والخوف… هذه تصبح بمجملها مشاهد عاديّة تسكن مخيلاتهم وتشكّل فهمهم للعالم من حولهم. صحيح أنّ القارئ سيقع على براءة تلك الرسومات الملوّنة، إلاّ أنّه سيصطدم أيضاً بالظروف التي تتحدّى هذه البراءة. ثمّة توتّر عاطفي وتوثيقي يكمن في السرد البصري الطفولي، وهو تحديداً ما يمنح هذه الكتب قوّتها كأدلّةٍ وشهاداتٍ حيّة.