مقدّمة
يُضيء معرض «جماليّات التحرّر» على الثقافة البصريّة للكتب العربية الصادرة منذ خمسينيات القرن العشرين حتى ثمانينيّاته، في فترة تداخلت فيها النضالات السياسيّة مع المشاغل الجماليّة. تصدّر نشر الكتب في العالم العربي حينها المساعي المتواصلة إلى تحرير المعرفة واللغة والمُخيّلة والحساسيّات الجماليّة على السواء. باحتوائه مجموعة رقميّة لحوالي 250 كتاب، يتقفّى المعرض الافتراضي الطفرة الجمالية في مجال النشر العربي، خلال فترة ظهرت فيها الكتب كأدواتٍ أخرى لمناهضة الاستعمار. لم ينفصل التجريب البصري حينها عن اليقظة السياسيّة، ومثلما خاطبت هذه الكتب جمهوراً واسعاً من القرّاء باللغة العربية، كذلك التحقت بمنصّات التضامن العالميّة.
تستحضر هذه المنصّة الإلكترونية نماذج جماليّة ساحرة لكنّها مُهملة، وتظهّر العمل التصميمي الإبداعي المنسي في أدراج الأرشيف العربي. خلال فترة ما بعد الاستعمار، شهد مجال صناعة الكتب انخراطاً لافتاً للفنانين والمصمّمين العرب الذين أنجزوا التصماميم والرسومات التوضيحيّة كمشاركةٍ لا تقلّ أهميّة عن التأليف اللغوي. انطلاقاً من هذه الاجتهادات الجماليّة، يُقدّم المعرض مقاربات ونوافذ متعدّدة لمشاهدة الكتب المعروضة، بعيداً عن جانبها اللغوي المكتوب فحسب. يدعونا «جماليات التحرّر»، عبر عدسةٍ بصريّة، إلى قراءة التاريخ الثقافي المنسي لمعارك التحرّر لتي لا تزال أصداء مشاريعها المُحبَطة والمبتورة تتردّد في النضالات المُتجدّدة لمناهضة الاستعمار الغربي، وفي الدعوات إلى عالمٍ أكثر عدالة ومساواة.